القائمة الرئيسية

الصفحات

تفسير:(كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ(٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِين)

تفسير(كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ(٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِين)

**سبب نزول الآية "الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ":**


وفقًا لما ورد عن ابن عباس، اجتمع نفر من قريش عند الوليد بن المغيرة، وهو أحد ذوي الشرف فيهم، لمناقشة أمر رسول الله ﷺ مع اقتراب موسم الحج الذي يجتمع فيه العرب. وأشار الوليد إلى ضرورة اتفاقهم على رأي موحّد عن محمد ﷺ حتى لا تتناقض أقوالهم أمام وفود القبائل. عندما طلب رأيهم، اقترحوا نعته بالكاهن أو المجنون أو الشاعر أو الساحر، لكنه رفض هذه التسميات مستندًا إلى أن قول النبي ﷺ يمتاز بجاذبية وبلاغة خاصة. وفي النهاية، قرروا وصفه بالساحر لأنه يفرق بين الناس وأسرهم. ونزلت هذه الآية {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ} (الحجر: 91) لتسميتهم بأنهم فرّقوا كلام الله وقسّموه أصنافًا.
---

**من هم "المقتسمين"؟**


المقصود بالمقتسمين هم المتحالفون الذين تآمروا على معاداة الأنبياء وتكذيب رسالاتهم، كما ورد في سياق قوم صالح حين قالوا: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} [النمل: 49]، أي تعاهدوا على قتل نبي الله صالح وأهله ليلًا. وذكر المفسرون أن هؤلاء المقتسمين لا يكذبون بأمر إلا بعد أن يغلّفوه بقسم كاذب، لذا أطلق عليهم هذا الوصف. وقد ورد أيضًا في الحديث الصحيح تشبيه النبي ﷺ نفسه برجل يحذر قومه من خطر وشيك، حيث أطاعه البعض فنجوا، وكذبه آخرون فهلكوا، وهو تصوير دقيق لحال من يتبع دعوته ومن يعرض عنها.

---

**تفسير الآيات:**

{وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ}  
الله يأمر نبيه ﷺ بأن يعلن للناس أنه النذير الواضح من عذاب مؤلم سيصيبهم، كما سبق أن أهلك الله الأمم التي كذبت رسله. والنذير هنا يوضح رسالة التحذير بأسلوب لا لبس فيه.

{كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ}  
وصف المقتسمين بأنهم المتحالفون الذين تكاتفوا ضد الأنبياء بالسعي لتكذيبهم وإلحاق الأذى بهم.

{الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ}  
أي قسموا القرآن أو الكتب السماوية إلى أجزاء، آمنوا ببعضها وكفروا بالبعض الآخر. وقد فسّر ابن عباس ذلك بأنه يشير إلى أهل الكتاب الذين آمنوا بأجزاء محددة وكذبوا بأجزاء أخرى. كما ورد عن مجاهد والحسن ومن بعدهم أن كفار قريش وصفوا القرآن بالسحر أو الكهانة أو أساطير الأولين، فانطبق عليهم هذا الوصف.

{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}  
هنا يؤكد الله تعالى أنه سيحاسب الجميع يوم القيامة عن أفعالهم وأقوالهم تجاه الرسالة الإلهية. وقد نُقل عن النبي ﷺ أنه قال: "إن سؤال الله يوم القيامة سيكون عن شهادة التوحيد (لا إله إلا الله) والرد على رسل الله".  

وورد عن ابن مسعود أن كل فرد سيقف أمام الله وحده يوم القيامة، ليُسأل عن أفعاله وأقواله: ماذا غره بربه؟ وهل عمل بما علم؟ وكيف أجاب دعوة الرسل؟ ويشير أبو العالية وكثير من العلماء إلى أن هذا السؤال سيتعلق بعبادة الإنسان لله ومدى اتباعه للرسل والأنبياء في حياتهم.

عن معاذ بن جبل قال، قال رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم : ««يا معاذ إن المرء يسأل يوم القيامة عن جميع سعيه حتى كحل عينيه، وعن فتات الطينة بأصبعه فلا ألفينك يوم القيامة وأحد غيرك أسعد بما آتاك اللّه منك»» وقال ابن عباس في قوله: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، ثم قال: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن:39] قال: لا يسألهم هل عملتم كذا؟ لأنه أعلم بذلك منهم، ولكن يقول لم عملتم كذا وكذا؟.

فى حالة عدم فتح الفيديو مباشر ادخل من هنا

برجاء الإنتظار قليلا والإستمتاع بمشاهدة الفيديو

مجلة الأستاذة

تعليقات